يمثل الشباب تحت سن 25 عاما أكثر من 50 في المائة من عدد السكان في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا. ففي المنطقة هناك أكثر من 100 مليون شاب تتراوح أعمارهم بين سن 15 و29 عاما. والشباب تقل فرصهم في العمل بثلاثة أضعاف ونصف الضعف عن كبار السن من العاطلين، وهذه النسبة الكبيرة تؤدى الى مزيد من العبء على الأنظمة الصحية والتعليمية.
ولكن، مع هذا التحدي تكمن أيضا فرصة سكانية هائلة. فان جيل الشباب الهائل هو أمل المنطقة للنمو والتقدم الاقتصادي. وهناك منطقة إقليمية مماثلة سكانيا تعرضت لتضخم سكاني في أواخر الثمانينات هي منطقة جنوب شرق آسيا، ولكن بلدان تلك المنطقة تمكنت من تسخير مواطن القوة والإبداع في شبابها لتغذية الازدهار الاقتصادي. وأدت هذه الطفرة إلى اجتياز الأزمات المالية ودفع النمو الاقتصادي.
الشباب هم الطاقة الإنتاجية وأيضا طاقة شرهة لاستهلاك السلع والخدمات على حد سواء. وإذا كانت النسبة بين من يعمل من السكان وبين غير العاملين تميل لصالح العاملين، كما سوف يحدث قريبا في الشرق الأوسط وأفريقيا، فإن الباب سوف يكون مفتوحا لزيادة الإنتاجية وزيادة الدخول.
وحتى نستطيع أن ندرك قدرات هذا الحجم الهائل من تعداد الشباب، علينا أن نركز على الفرص، والقيادة والمهارات. الشباب في حاجة الى فرص ليكونوا قادة في مجتمعاتهم المحلية. وبحاجة الى فرص للمنافسة في سوق العمل. إنهم بحاجة الى فرص لنوعية التعليم التي تشجع التفكير النقدي. كما أنهم بحاجة الى فرص للتعبير عن آرائهم وأفكارهم. والشباب الذين التقيتهم في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هم في اشد الاحتياج لتلك الفرص.
وفي استطلاع قامت به خدمات الإغاثه الكاثوليكية في عام 2007 في لبنان، قالت نسبة 65 في المائة من الشباب إن عدم وجود الفرص كانت هي العقبة الرئيسية التى تحول دون أن يصبحوا قادة. وعندما منحت لهم الفرصة، أظهر الشباب قدراتهم القيادية بانتمائهم الى مجتمعاتهم. كما أصبحوا نموذجا يحتذى، يعملون بجد نحو الأهداف التى يتحمسون لها.
وفي مصر تعاون شباب معا لتطوير برنامج للإرشاد الوظيفي. وتعامل الشباب من الأردن مع نظرائهم في المساهمة في تنمية بلدهم. شباب فلسطيني قاموا بإعادة طلاء مدارس للأطفال وبدأوا حملة لجمع التبرعات من اجل مرضى السرطان من الأطفال.
دعونا نفكر ماذا أيضا يمكن لهم أن يقدموا مع بعض الأدوات الإضافية للنجاح في عالم اليوم المتغير. تشمل هذه الأدوات المهارات اللغوية، والقروض والتدريب لتعزيز روح المبادرة، وأرضية صلبة في مجال الكومبيوتر والتقنيات الأخرى. وهناك أشياء اخرى قد تكون أقل وضوحا ولكنها على نفس القدر من الأهمية، مثل أخلاقيات العمل القوية، وقدرات الاتصال، والاستعداد لأتخاذ المبادرات.
كجهات مانحة وحكومات وقادة، كثير منا استثمر في الشباب. على سبيل المثال، حكومة الولايات المتحدة ساندت برامج التعليم لعقود من الزمن. في جميع انحاء العالم، قمنا ببناء المدارس وتدريب المعلمين وتوفير المنح الدراسية، وتنظيم المعسكرات الصيفية، وتشجيع تعليم الفتيات، وغيرها من المشاريع. وهذا استثمار جيد. ولكننا أدركنا ايضا منذ زمن طويل ان هذا لا يكفي. ولذلك قمنا بتوفير فرص أخرى للشباب ـ من خلال فرص التدريب، وتقديم المشورة المهنية، والتدريب على فنون القيادة، وتقديم القروض للمشروعات الصغيرة، والخدمات الصحية. ومن خلال الوكالة الأميركية للتنمية الدولية وحدها، فان الشعب الأميركي سوف ينفق أكثر من 210 ملايين دولار هذا العام في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على التعليم وغيره من البرامج التي تساعد الشباب على عبور الجسر من المرحلة التعليمية الى العمل والى النجاح في مرحلة النضوج.
ولكن هناك حاجة الى المزيد من الاستثمار، لا سيما من القطاع الخاص. ويمكن لأرباب العمل أن يقدموا الكثير، وكذلك يمكن لهم أن يكسبوا المزيد من عمالة متعلمة تعليما جيدا وتتمتع بمهارات عملية. فيمكن عبر الاستثمارات الإضافية في التدريب، وإيجاد فرص العمل وبرامج للمناقشة داخل الفصول الدراسية حول ما يجرى في العالم من متغيرات، وغيرها من الوسائل، مساعدة الآلاف من الشباب على إطلاق العنان لكل إمكاناتهم.
وفيما احتفل العالم باليوم العالمي للشباب هذا الأسبوع، في الثاني عشر من أغسطس (آب)، يجب ان نعمل للوصول الى تحقيق هدفنا العالمي المشترك. فلنعمل معا من خلال توفير هذه الفرص والمهارات اللازمة لجيل الشباب حتى يتسنى لهم تحقيق تطلعاتهم.
انه استثمار في غد أفضل لنا جميعا.
* مديرة الوكالة الأميركية للتنمية الدولية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق